التصميم الداخلي بين التراث والمعاصرة
تراثنا الشعبي هو الصورة الصادقة لما أبدعه الأجداد وحيث امتزجت أحاسيسهم مع الطبيعة المحيطة بهم فكأنهم جزء منها فكان تراثهم مؤدياً كل احتياجاتهم فعاشوا حياتهم في توافق مع بيئتهم.
ومن أهم تلك الإبداعات التراثية هي تلك العمائر وتصميمها الداخلي حيث امتازت بطابع خاص فريد يزخر بالكثير من عناصر الثقافة المادية التي تم عملها بخامات بيئية لتتلاءم مع الظروف المناخية، والاقتصادية وعادات وتقاليد المجتمع.
وتعتبر الخورنقات إحدى عناصر الثقافة المادية الهامة فنطراً لندرة الخشاب والخامات التي تدخل في تصنيع الأثاث تم استغلال الجدران حيث تمثل حيزات فراغية ومسطحات رأسية ذات سماكة كبيرة في إبداع خورنقات" فجوات" داخل الجدران تعددت استخداماتها وأخذت مسميتها من تلك الاستخدامات فكان دولاب الحائط الروزنة والكمار وغيرها وذلك لحفظ مقتنياتهم وأدواتهم المنزلية.
وقد تم تزيين وزخرفة تلك الخورنقات بالعديد من النقوش أهمها تلك الزخارف الجصية التي استخدم فيها الحفر الغائر والبارز .
ولاهتمام المصمم الداخلي في عصرنا الحاضر بالاستلهام من ذلك التراث الذي يمثل البنع الصافي الذي لا ينضب وحيث العطاء الدائم.. فقد اتخذ ذلك العنصر التراثي وهو الخورنقات لابتكار بعدً جمالياً للجدران لتتلاءم مع الشكل العام مع الفراغات المختلفة بالمسكن وفي نفس الوقت يؤدي وظيفة عملية يراد بها ترتيب وتنظيم وحفظ العديد من الأغراض والمقتنيات وعرض بعض التحف.
والمصمم الداخلي يحدد الأماكن المناسبة لتلك الخورنقات بالجدران بغرض تجميلها وعدم الشعور بالرتابة والتسطيح وكذلك يحدد أشكالها واتساعها حسب الطراز المعماري ونوعية التأثيث .. وكذلك حسب البعد الجمالي الذي ستضيفه على المكان.. فمثلاً إذا أخذ فراغها الشكل الرأسي فإنها توحي بارتفاع الجدران، أما في الوضع الأفقي فإنها تعطي شعوراً باتساع المكان كما أن وضع لوحات ومرايا بها يمكن أن يضفي شعوراً باستطالة واتساع الأماكن الضيقة.
وتصميم تلك الخورنقات تتناسب مع استخداماتها المعاصرة في وحدات المسكن المختلفة .. ففي صالة المعيشة يمكن أن تحل محل المكتبة في حفظ الكتب وترتبيها وبعض الأجهزة كالمذياع والمسجلات وغيرها وكذلك بعض الخورنقات تمثل المدفأة وبعضها خزائن الوقود، واللازم لها كما يمكن أن تستخدم في غرف الطعام والمطبخ لحفظ الأواني وأدوات الطعام وتنسيقها وعرضها في صورة جميلة .
وكذلك استخدامها في الردهات وفي جدران السلالم لعرض بعض المقتنيات والتحف التي تضفي مظهراً فخماً وجميلاً على تلك الأماكن فالمصمم الداخلي يمكنه استغلالها في جميع وحدات المسكن.
وهكذا نجد أن الخورنقات "الفجوات الجدارية " التي استوحاها المصمم الداخلي من تراث الأجداد قد أمكنه أن يضع لها الحلول والأفكار الإبداعية الجميلة لاستخدامها بطريقة مبتكرة حتى أصبحت من أهم العناصر الجمالية والنفعية بالمسكن المعاصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق